Al Athar مجلة الأثـــــــــــــــر
Volume 10, Numéro 12, Pages 190-215
2011-09-30
الكاتب : شارف عبد القادر .
ترتبط اللغة بالبيئة، والإقليم، والطبائع البشرية فهي ملكة مقررة في العضو الفاعل لها وهو اللسان، وهو في كل أمة بحسب اصطلاحاتهم، ولا تكون اللغة إلا حيث يتواجد أفراد المجتمع الواحد الذين يكسبونها خصائص تركيبية ودلالية، تتوافق والإدراك العقلي لديهم، وسلوكهم الاجتماعي، فتتمثل الألفاظ في نظام تركيبي له بنية خاصة، ونظام صوتي متشكل من الأصوات اللغوية، والمتتابعة في السلاسل الكلامية في المجتمع اللغوي الواحد. واللغة العربية لها أصول قامت عليها أشكالها الصوتية وبناها التركيبية، وهذه الأصول راسخة ثابتة في أصالتها، وثباتها بيّنٌ في تمسّكها بالشكل الصوتيّ والصرفيّ والنحويّ، إذ لا يُخفى في العربية صوتٌ من أصواتها مهما تتقلب تصاريف موادها المختلفة، فمادتها الأصلية محفوظة، ورابطتها اللغوية مصونة. وتشكّل المشتقّات مادّةً غزيرة للتّوليد الدّلاليّ في الصّرف العربيّ؛ فهي تمدّ المفردات والسّياقات بدلالات هامّة يكاد لا يخلو منها كتاب من كتب الصّرف، وعن طريق ألوان من التّصريف تتولّد مفاهيم لا يمكن الوقوف عليها من دونه، وتكاد معظم أشكال التّوليد والارتجال في اللغة تنحصر في الصّيغ الصّرفيّة، وهذا التّوليد مشروط بصحّة المعنى، فالصّيغة صالحة للتّوليد بناءً على ما تدلُّ عليه من معانٍ أو بناء على ما يسمح به المعنى. ويعتبر الفعلعنصراً أساسياً من بين العناصر التي تعمل على بناء الجملة في اللغة العربية، وهو ما أطلق عليه النحاة اسم المسند إليه، إذ يمثل طرفاً إسنادياً في الكلام، ولبيان أهميته في المعاني، ينبغي التدقيق في الصيغ والتفريق بينها على أساس المعنى، فلكل معنى صيغة تبينه وتحدده وتفصله عن غيره، فدلالة الفعل تختلف عن غيره كالمصدر واسمه والصفة وهكذا. وسنهتم في هذه المداخلة بالتركيب الإفرادي ودلالته في شعر البحتري، الذي يتوزَّع بناؤه بين المجرد والمزيد، فهل استطاع الشاعر إتقان هذه المادة اللغوية المهمة في شعره والتي تختص بالتعبير عن الأحداث، وهل بينت دلالتها في خطابه الشعري؟ هذا ما سنجيب عنه حتما من خلال هذه المداخلة إن شاء الله.
*****
عبد القادر لالاَ
.
ص 218-240.