مجلة صوت القانون
Volume 1, Numéro 1, Pages 89-114
2014-04-16
الكاتب : يعقر الطاهر .
يعاني المجتمع الدولي من ظاهرة خطيرة ومقلقة، تتمثل في التنامي المتزايد لعصابات الجريمة المنظمة العابرة للأوطان، والتي تطورت بصورة رهيبة، واستفادت من التطورات التكنولوجية المتلاحقة والمتغيرات الكبيرة التي أفرزتها الظروف السياسية والاقتصادية والثقافية العالمية، بحيث عجزت الأجهزة الأمنية الدولية المتطورة في ملاحقتها والحد من سلطانها، وذلك بالنظر لما أصبحت تشكله من مخاطر على جميع مناحي الحياة، وخاصة على الجانب الاقتصادي للدول، ويبدو أن الشعوب ليست ببعيدة عن استشعار الأخطار المحدقة الهائلة التي تواجهها من جراء الانتشار الواسع لعصابات الجريمة المنظمة،(1)وعلى اعتبار أن الجريمة صنو للحياة ظهرت بوجودها وتستمر بدوامها، وهي ثمر لظروف المجتمع ونبت من غرس معطياته وإفراز لذاتية أشخاصه، فالجريمة إذن وجدت بوجود بني أدم على الأرض، وفي ذلك يقول الله : وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون.(2) وبما أن عالم اليوم يتسم بأشكال جديدة من الإجرام لم تكن مألوفة من قبل، أو لم يكن قد استفحل خطرها بعد، فهناك الإجرام المنظم أو الإجرام العابر للحدود والأوطان أو القارات أو الإجرام العالمي، والجرائم السياسية، والجرائم الإرهابية، الأمر الذي يتطلب تعاونا و تضامنا دوليا لمكافحته و الوقاية منه، لأنه قد يكون خارج عن قدرة وإمكانيات - قانونية ومادية - لأي دولة منفردة التحكم فيه أو احتوائه و السيطرة عليه،(3)وعلى اعتبار أن الجريمة المنظمة مشكلة معزولة لا تستطيع أي دول معالجتها بمعزل عن باقي الدول الأخرى المكونة للمجتمع الدولي، وإذا أردنا فهم الجريمة المنظمة وأسبابها و طرق وأساليب مكافحتها، علينا أن ننظر إليها ضمن نطاقها العالمي. وبناء على ما سبق نتوصل إلى طرح التساؤلات التالية: ـ ما هو مفهوم الإجرام المنظم، وكيف أصبح اليوم يشكل خطرا حقيقيا على سلامة الدول وسيادتها ؟. ـ وهل تتوافر الساحة الدولية على ما يمكن رصده من جهود وإمكانيات لمكافحة الجرائم المنظمة ؟. ولا شك أن إلقاء المزيد من الضوء على تلك الجرائم الخطيرة في العالم يجعلنا نقف على ماهيتها وحقيقتها، وبحث الوسائل المناسبة لمواجهتها.
التعاون الدولي ، مكافحة الإجرام المنظم
محمد الأمين عدة بومدة
.
عبد القادر العربي شحط
.
ص 259-284.